يستعرض هذا البحث الأسس السياسية والقانونية والتنموية لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007 كحل واقعي وتوافقي للنزاع الإقليمي حول الصحراء. ويركّز على بيان التحول الذي عرفه مسار معالجة القضية داخل الأمم المتحدة، حيث انتقل من منطق الاستفتاء إلى منطق الحل السياسي العملي، وهو ما تجسده لغة قرارات مجلس الأمن التي وصفت المبادرة المغربية بأنها "جادة وذات مصداقية". كما يتناول البحث الأبعاد الدستورية للمبادرة من خلال ارتباطها بمبدأ الجهوية المتقدمة والإصلاحات المؤسساتية التي تعزز المشاركة الترابية في اتخاذ القرار.
على المستوى التنموي، يبرز البحث أهمية "النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية" الذي انطلق سنة 2015، والذي أحدث تحولًا بنيويًا في البنية التحتية، وجلب استثمارات وطنية وأجنبية، إضافة إلى فتح أكثر من 30 قنصلية بالعيون والداخلة، ما يعكس الثقة الدولية في الاستقرار والآفاق الاقتصادية للجهة. كما يناقش البحث البعد الاجتماعي والثقافي من خلال توسع الخدمات الصحية والتعليمية، وارتفاع مشاركة المجتمع المدني والنساء في المؤسسات المنتخبة، بما يعزز الاندماج الوطني.
وتطرق الدراسة أيضًا إلى البعد الجيوسياسي للنزاع، ودور بعض الأطراف الإقليمية في تعقيده، مقابل نجاح المغرب في فصل المسار الأممي عن النقاش داخل الاتحاد الإفريقي، مع توسيع دائرة الاعتراف الدولي بسيادته على الصحراء. وفي ضوء هذه المعطيات، يؤكد البحث أن آفاق الحكم الذاتي بالمغرب تبدو مرشحة للتطور، خصوصًا مع تقدم ورش الجهوية، وتكريس دولة المؤسسات، وتنامي الدعم الدولي للمبادرة باعتبارها الحل الوحيد الواقعي والتنموي للنزاع.
وقد أكد مجلس الأمن في اجتماعه الأخير على ضرورة المضي في المسار السياسي التوافقي، وشدّد مرة أخرى على مركزية مبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي وقابل للتطبيق. كما دعا الأطراف الإقليمية، وخاصة الجزائر، إلى الانخراط الجاد في العملية السياسية وفق صيغة الموائد المستديرة، معتبرًا أن استقرار المنطقة مرتبط بإحراز تقدم ملموس في هذا الإطار.
