يتناول هذا المقال إشكالية الجهوية المتقدمة بالمغرب وعلاقتها بالشأن الثقافي، من خلال مقاربة مفهوم الجهوية الثقافية باعتباره أحد المداخل الأساسية لتدبير المجال الترابي وتثمين الرصيد الثقافي المحلي. ويسعى البحث إلى تحليل آليات تثمين التراث الثقافي اللامادي عبر الصناعة التقليدية، مع اعتماد إقليم خنيفرة نموذجًا تطبيقيًا، لما يتميز به من غنى رمزي وثقافي يعكس خصوصية المجال الجبلي الأمازيغي.
وينطلق المقال من فرضية مفادها أن الجهوية المتقدمة، بوصفها سياسة عمومية لإعادة تنظيم المجال، تتيح إمكانيات مهمة لإدماج الثقافة والصناعة التقليدية ضمن مشاريع التنمية الترابية، غير أن تفعيل هذه الإمكانيات يظل رهينًا بوجود استراتيجيات مندمجة وآليات حكامة فعالة. واعتمد البحث على المنهج التحليلي لفهم التفاعلات السياسية والمؤسساتية المرتبطة بتنزيل الجهوية المتقدمة، وعلى المنهج المجالي الذي يتعامل مع إقليم خنيفرة كمجال حامل للهوية والذاكرة الجماعية.
ويبرز المقال دور الصناعة التقليدية باعتبارها مكوّنًا مجاليًا يسهم في إعادة تشكيل المجال وتعزيز الخصوصية الثقافية، كما يقف عند أبرز التحديات التي تعيق تثمين التراث اللامادي، سواء على مستوى التمويل، أو التنسيق المؤسساتي، أو إدماج الفاعلين المحليين. ويخلص البحث إلى أن نجاح الجهوية الثقافية يستدعي تجاوز المقاربات القطاعية الضيقة، واعتماد رؤية ترابية شمولية تجعل من الثقافة رافعة للتنمية المستدامة وتعزيز الهوية المجالية
