تستوجب التربية على الفن انتباها أكبر مما يعطى لها في مجال التعليم في المغرب، خاصة حين يتعلق الأمر بتدريسها كمادة في المدرسة لأطفال يفترض أن تكون الفنون على اختلاف صنوفها مصدرا من مصادر اهتماماتهم الأساسية، ذلك لكونها المعبر الآمن لهم اتجاه أنفسهم. هذه الأخيرة، التي ما أن يصلها الفن حتى تغدو أكثر تصالحا وتقبلا للفرد عينه وللآخر، وأكثر إقبالا للنظر إلى العالم من زوايا مختلفة.
هذا ناهيك عن الفوائد الجمة للفن على عقل ونفسية وذكاء الأطفال العاطفي، غير أن واقع تدريس مادة التربية الفنية في المدرسة العمومية الابتدائية المغربية يؤكد على استمرار نفس النظرة الميالة إلى صرف الوعي عن الاهتمام بتدريس الفن وجعله من أولويات نجاح التلميذ الدراسي والنفسي والإبداعي. أضف إلى ذلك، التحديات الكثيرة التي يتخبط فيها وضع تدريس هذه المادة داخل أقسام المدرسة الابتدائية العمومية المغربية. ويساهم في مضاعفة هذه الإكراهات الغياب شبه التام للدعم التوعوي من طرف الإعلام المغربي وتحديدا التلفزيون العمومي، الذي يعد شريكا تربويا، يضطلع بمسؤولية كبرى تجاه فئة الأطفال التي تشاهده ويساهم في تشكيل معالم الحياة الأولى لديها، إذ لا نكاد نبالغ بالقول، أنه لا يوجد برنامج مخصص حصرا للرفع من الوعي بأهمية الفنون في حياة الطفل على شاشات التلفزيون المغربي. فمعظم البرامج التربوية التي يبثها التلفزيون العمومي المغربي لا تستهدف إلا في ما ندر التركيز المباشر على الفن. من هنا، تأتي أهمية هذه الدراسة، الداعية إلى الضرورة الملحة لإعادة الاعتبار لمادة التربية الفنية في المدرسة المغربية والهادفة إلى الإجابة على عدد من الأسئلة ضمن إشكالية مركزية: أي وضع تعيشه مادة التربية الفنية داخل أقسام المدرسة الابتدائية العمومية المغربية من حيث خصائص الممارسة التعليمية للمادة، وتحدياتها المتعددة ودور الإعلام تحديدا التلفزيون العمومي في دعم التربية على الفن عند الأطفال؟
