اعتنى القرآن الكريم بالإنسان (الفرد والمؤسسة والدولة) المالك للمال والمتصرف فيه والمستخلف عليه؛ فنمى فيه حوافز وبواعث العمل والكسب والإنفاق، وألزمه بمجموعة من الآداب الإيمانية والأحكام الشرعية والقيم الأخلاقية والمقاصد الشرعية الكلية والجزئية التي تشكل النطاق القرآني الذي يشتغل وينشط فيها المال والأعمال والمشاريع الاقتصادية والتنموية، والقاعدة الأساس التي تضبط المال العام، وتوجهه الوجهة الشرعية المقاصدية المصلحية التي يبتغيها القرآن ويحث عليها، وتروضه لينسجم مع روح الشريعة وحكمتها، ويحقق مطالب الأمة ومصالحها، ويتحرر من روح الجاهلية الخبيثة التي تتقمصه اليوم؛ روح الاستكبار والطغيان والترف والإفساد.
وفي نفس الوقت رغب القرآن المجيد ونص على مجموعة من الوسائل الكلية الحافظة للمال العام سواء من حيث الوجود أو العدم، والثابتة في حقيقتها ومضمونها، والمتغيرة في أوصافها وأشكالها وطرائقها حسب تحولات العصر والمصر والظرف، مع دعوته الدائمة والملحة لابتكار المناهج والوسائل والتدابير المفضية إلى تحقيق المقاصد الشرعية على أفضل صورة وأكمل وجه، والملبية للحاجات المطلوبة والمصالح المرغوبة بأقل تكلفة، وأعلى مردودية، وأحسن جودة.
