إنّ النظرَ في كتاب الله تعالى كان ولا يزال عمدةَ الاستنباط، وأصلَ الأحكام، ومعدِنَ الفقه عند الأئمة الراسخين، وقد توزّعت مدارسه في الأمصار بحسب مناهجهم ومشربهم، فكان لكل مدرسةٍ نصيبٌ من الإسهام في بيان دلالات الآيات واستنباط أحكامها.
ومن بين تلك المدارس التي خلّدت أثرها في علوم الشريعة: المدرسة المغربية التي امتازت برسوخ القدم في فقه النص، ودقة التحقيق في مناطات الأحكام، وجمعها بين الرواية والدراية، وبين النظر المقاصدي والاعتبار الفقهي. فقد كان لعلمائها في التفسير الفقهي مساعٍ جليلة، وإضافاتٌ علميةٌ نفيسة، ظهرت في مصنفاتهم، وفتاويهم، ونوازلهم، وما قرروه من قواعد ومدارك في فهم خطاب الشرع.
وإذ كان هذا الباب من أنفع الأبواب، وأجمعها لمسالك الاجتهاد المالكي في الغرب الإسلامي، فقد اقتضى البحثُ الكشفَ عن إسهام المدرسة المغربية في التفسير الفقهي، وبيان خصائص منهجها، وتحرير مواردها في الاستنباط، مع إبراز أثرها في ترسيخ الفقه القرآني عبر العصور.
