تهدف هذه الورقة البحثية إلى مقاربة السرد من زاوية حاجته الإنسانية والبلاغية، انطلاقًا من تصورين متباعدين جغرافيًا ومتقاربين معرفيًا: التصور العربي الحديث لدى محمد مشبال، والرؤية الغربية كما صاغها آلان راباتال. ينطلق المقال من التأكيد على أنّ السرد ليس مجرد أداة للتسلية أو تسجيل الوقائع، بل هو ممارسة خطابية ذات وظيفة حجاجية، تستثمر البعد العاطفي والعقلي في آن واحد، بغية التأثير في المتلقي وتوجيه موقفه. وقد أبرز مشبال، من داخل الدرس البلاغي العربي الجديد، أن السرد يشكل حاجة للتأثير والإقناع، ويُعاد توظيفه في سياقات تداولية تجعل منه عنصرًا فاعلًا في الحجاج. أما راباتال، فاعتبر السرد بنية خطابية حوارية تنفتح على شروط التلقي والتأويل، مما يوسع من مجال توظيفه في البلاغة المعاصرة. ويخلص المقال إلى أنّ الجمع بين التصورين يكشف عن طبيعة السرد كحاجة مزدوجة: حاجة للتعبير عن الذات والجماعة من جهة، وحاجة للإقناع والتأثير من جهة أخرى، وهو ما يمنحه مكانة مركزية في البلاغة الجديدة والدراسات السردية الراهنة.
