يسعى هذا المقال إلى مقاربة التجربة الشعرية عند الشاعر المغربي عبد الحميد رئيف من خلال تحليل مستويات اللغة وحركية التخييل التي تنهض عليها قصيدته. ويستند هذا التحليل إلى فرضية أساسها أن اللغة في شعر رئيف ليست أداة للتعبير فحسب، بل هي كيان جمالي ومعرفي يكشف عن أنساق فكرية ووجدانية، ويعيد بناء العلاقة بين الذات والعالم. ومن ثمّ، يتناول المقال ثلاثة مستويات لغوية متداخلة: المستوى المعجمي الذي تتجلى فيه خصوبة المفردة وتفاعل التراثي بالحديث، والمستوى الصوتي والدلالي حيث يتحول الإيقاع إلى حامل للانفعال والمعنى، والمستوى التركيبي الذي يمنح النص وحدته العضوية وتماسكه الإيحائي.
كما يقف المقال عند حركية التخييل في شعر رئيف، بوصفها تجسيدًا لحيوية الخيال في تشكيل الرؤية الشعرية؛ إذ يتراوح بين الخيال المادي الذي يعكس صراع الذات مع الواقع، والخيال الدينامي الذي يسمو بها نحو آفاق روحية وإنسانية رحبة. وبهذا المعنى، يغدو شعر عبد الحميد رئيف تجربة وجودية حداثية، تؤسس لقصيدةٍ تزاوج بين الفكر والوجدان، وبين اللغة والكيان، لتجعل من الكتابة فعلًا مقاومًا للنسيان والصمت، ومجالًا لتجدد المعنى في أفق إنساني مفتوح.
