يتناول هذا المقال دراسة المكان في رواية ثلاثية غرناطة لرضوى عاشور، من خلال مقاربة نقدية تستحضر أبعاده السردية والدلالية والثقافية، وتبرز دوره في بناء الخطاب الروائي وتشكيل وعي الشخصيات وهويتها. وينطلق البحث من اعتبار المكان عنصرًا فاعلًا لا يقتصر على تأطير الأحداث، بل يتحول إلى مكوّن بنيوي يسهم في تحريك السرد، واستحضار الذاكرة الجماعية، وتجسيد معاناة الإنسان الأندلسي في ظل التحولات التاريخية القاسية التي عرفتها غرناطة بعد سقوطها.
ويعتمد المقال على مجموعة من المفاهيم النقدية، من بينها سيميائية المكان، الكرونوتوب، جماليات المكان، ونظرية التلقي، للكشف عن كيفية توظيف الكاتبة للأمكنة المفتوحة والمغلقة، والأليفة والمعادية، وما تحمله من دلالات نفسية واجتماعية وثقافية. كما يقف عند تجليات التراث المادي واللامادي في الرواية، من خلال وصف الطقوس والعادات والحِرف والفضاءات اليومية، باعتبارها عناصر مقاومة للطمس الثقافي والتنصير القسري.
ويخلص المقال إلى أن المكان في ثلاثية غرناطة يتجاوز وظيفته الوصفية ليصبح حاملاً للهوية والذاكرة، ووسيلة فنية لتجسيد الصراع بين البقاء والاندثار، وبين قوة السلطة وقوة الثقافة، مما يجعل الرواية سجلًا سرديًا ووجدانيًا للتراث الأندلسي في لحظة تاريخية مفصلية.
